علم الأجنة في القرن العشرين يؤكد أن أقل مدة للحمل هي ستة شهور قمرية (أي 177 يوما) من لحظة الإخصاب، وأن الجنين إذا ولد لستة شهور فإنه قابل للحياة لأن كافةم أجهزة وأعضاء جسمه يكون خلقها قد اكتمل مع نهاية الأسبوع الثامن من لحظة الإخصاب ( وقد سبق القرءان الكريم علم الأجنّة في ذلك )، يحدث الحمل عندما يتم تلقيح بويضة المرأة بالحيوان المنوي للرجل، وإذا كان الحمل ينمو بشكل طبيعي من دون مشاكل صحية أو إعاقات تمنع تطوره، فإن مدته تصل من 37 إلى 39 أسبوعا، أي ما يعادل 9 شهور كاملة، ويمكن أن يصل إلى 40 أو 41 أسبوعا، ولو أن المرأة لم يأتها المخاض، فإنه يتم اللجوء إلى مخاض اصطناعي حفاظا على حياتها، أما إذا وصل إلى 42 أو 44 أسبوعا، فإن الجنين سيموت لا محالة، نظرا لتلاشي المشيمة وتهتكها بعد 9 أشهر، وبهذا ينعدم الأوكسجين والتغذية، مما يجعل موت الجنين أمرا حتميا ، أما إذا وقعت بعض الحالات الاستثنائية، فإنه بإمكان الحمل أن يتوقف في أية مدة زمنية قبل المدة الطبيعية (9 أشهر)، فيتم اعتماد إجهاض طبيعي بعد موت الجنين،وماتقدّم بيانه لاعلاقة له البتة بالجنين الراقد (أمخسور) !!!.، وبالتالي فالحديث عن حالة طبيعية معروفة وإسقاطها على حالة نادرة أمر مستهجن وغريب جدا ، ولن أخوض في الموضوع أكثر ، ولكنني أريد فقط الإشارة إلى مايلي :
1- الطبّ : ليس اكتشافا علميا حديثا ، وإنما الطب منذ آلاف السنين وهو يدرّس ويمارس بنجاح ، وتعبير ” العلميّة ” كلام يستخدمه أساسا الساقطون والجاهلون لإفحام مخالفيهم !!، ولاتوجد علميّة أكثر من الواقع ( المشاهدة والناس روصها احدج ) ، صحيح أن الجنين لايتجاوز 42 اسبوعا في بطن أمه … ولكنّ الجنين ليس هو أمخسور عند الموريتانيين ، وعند الآخرين يسمونه (الحمل الراقد ) ، ( الحمل المستكن ) ، ( الحمل النائم ) … وقد تحدّث عنه الأطباء زمن البابليين والآشوريين والفراعنة …ثم في صدر الاسلام وبعد ذلك لعدة قرون خلت ، والغريب أن نرى مغفّلا يربطه فقط بالمجتمع البيظاني وحده !!!!.
2- لم يكن الإمام مالك بن أنس رحمه الله طبيبا ، والأطباء في زمنه وبعد زمنه وقبل ذلك في عهد الفراعنة والبابليين والفينقيين ، والرومانيين والفرس ، هم الذين تحدثوا عن الأمر، وإذا كان من خطأ فلا علاقة للإمام مالك أو عياض به ، بل هو خطأ في تصوّر الأطباء حينذاك ، والعلماء يقرّون قديما وحديثا ماأقرّه الطب في زمانهم ، لامابعده ، ولم يقتصر الأمر على إمام المدينة ، وإنما شمل كذلك أصحاب المذاهب الثلاث الباقية ، بالإضافة إلى الاوزاعي ، الليث بن سعد ، ابن أبي ليلى ، الزمخشري ، محمد بن عبدالحكم ، وابن رشد … وغيرهم كثير ، فقد اتفقوا رحمهم الله جميعا على وجود الجنين النائم (أمخسور) ، ولكنهم اختلفوا في مدده بين سنة إلى ثمان سنوات ، وبعض من جاء بعدهم قال بأنه لاحد له مطلقا ( انظر: أضواء البيان ) ، لعلّامة عصره الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ( آبّ بن اخطور) رحمه الله تعالى ، عند تفسير قول الله عزّوجل : { … ونقرّ في الأرحام مانشاء إلى أجل مسمّى ثم نخرجكم طفلا ….} ، ثم في تفسير قوله تعالى :{ الله يعلم ماتحمل كل أنثى وماتغيض الأرحام وماتزداد وكل شيئ عنده بمقدار } .
3 – ليس كل مايحصل ويحدث له تفسير علمي ، ومع ذلك لايمكن نفيه ، لأن العلم البشري يظل قاصرا ، ثم إن الواقع لايمكن نكرانه أوتجاوزه ، فهل يمكن أن نجد تفسيرا علميا لحمل بنت رضيعة ( 13 يوما ) !! ، وأخرى (15 شهرا ) ? وهل من تفسير علمي لولادة ميّتة بعد 10 أيام من وفاتها ?? ، وهل من تفسير علمي لحمل امرأة فوق الثمانين من عمرها ? .
4 – أقصى مايمكن أن يقوله طبيب يحترم نفسه هو : لا أعلم ، لم يمر عليّ ، لم أقرأ عنه ، لم أشاهده ، لم أسمع عنه … ولكن أن يقول لايوجد فهو ظلم للنفس وجهل عظيم ، وغطرسة وغي ، لأن الحالات والظواهر التي لايوجد لها تفسير علمي ، ولاعلاقة لها بالعلميّة ، كثيرة ، قديما وفي عصرنا .


